قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

التفسير المنير [ ج ١٩ ]

215/327
*

(فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ، إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) أي فلما أصروا على التكذيب واستمروا عليه ، جوزوا بعذاب الظلة وهو أنهم أصيبوا بحر عظيم ، أخذ بأنفاسهم ، لا ينفعهم ظل ولا ماء ، فاضطروا إلى الخروج إلى البرية ، فأظلتهم سحابة ، وجدوا لها بردا ونسيما ، فاجتمعوا تحتها ، فأمطرت عليهم نارا ، فاحترقوا جميعا. وهذا كما حكى الله تعالى بقوله : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا : سَحابٌ مَرْكُومٌ) [الطور ٥٢ / ٤٤].

إن ذلك العذاب عذاب شديد الهول ، عظيم الوقع ، أدى إلى الإفناء :

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً ، وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) أي في تلك القصة البليغة لعبرة وعظة يا أهل مكة وغيركم من الكفار ، تلك العبرة الدالة بوضوح على صدق الرسل ، ومجيء العذاب بتوقيت الله ، وما كان أكثر قوم شعيب بمؤمنين.

(وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) أي وإن الله ربك يا محمد لهو القادر على الانتقام من الكافرين ، الرحيم بعبادة المؤمنين.

وهذه هي الخاتمة بذاتها التي ختمت بها القصص السبع المذكورة في هذه السورة للدلالة على وجوب استنباط العظة والعبرة من كل قصة ، وكلها دليل قاطع على أن القرآن كلام الله الذي يخبر وحده عن الغيب : (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) [يوسف ١٢ / ١١١].

فقه الحياة أو الأحكام :

تكرر في المناسبة والتفسير بيان الهدف العام من هذه القصة وغيرها من القصص السابقة ، وكان مجموعها في هذه السورة سبعا ، فإن الله تعالى أنزل في قرآنه هذه القصص تسلية لرسوله محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإزالة للحزن عن قلبه ، بسبب صدود الناس عن دعوته ، وهي تسرية دائمة لكل داعية مخلص ، حتى لا ييأس