ونزوله بلغة العرب لئلا يقولوا : لسنا نفهم ما تقول. وبشّرت بنزوله كتب الأنبياء المتقدمين ، كما بشّرت ببعثة محمد صلىاللهعليهوسلم.
٢ ـ أثبتت الآيات نبوة النبي محمد صلىاللهعليهوسلم ، لأنه مع كونه أميّا بهر العالم ببلاغة القرآن وفصاحته ، وإخباره عن المغيبات ، وإثرائه الحياة بأنظمة سديدة رصينة لا تقبل الطعن ولا النقد ، وهذا العطاء الإلهي دليل قاطع على النبوة. كما أن من الأدلة على النبوة علم أهل الكتاب بأوصاف النبي صلىاللهعليهوسلم ونعوته ، سواء من أسلموا أو لم يسلموا.
وإنما صحت شهادة أهل الكتاب وصارت حجة على المشركين ؛ لأنهم كانوا يرجعون إليهم في شؤون الدين ، يسألونهم عن مدى تطابق القرآن مع ما أخبرت به كتبهم الدينية.
٣ ـ إن مهمة النبي صلىاللهعليهوسلم وغيره من الأنبياء هي الإنذار (لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) ويدخل في الإنذار الدعوة إلى كل واجب من علم وعمل ، والمنع من كل قبيح.
٤ ـ إن كفر المشركين من أهل مكة بالقرآن مجرد عناد واستكبار ، دون دليل ولا برهان ، وإنما على العكس علموا بأنه الحق ثم جحدوه ، وكان تحدي القرآن لهم بالإتيان بمثل سورة منه حجة عليهم ، فهو منزل بلغتهم ، فسمعوه وفهموه وعرفوا فصاحته ، وأنه معجز لا يعارض بكلام مثله ، وانضم إلى ذلك بشارة كتب الله السالفة به ، فلم يؤمنوا به وجحدوه عنادا وأنفة ومكابرة ، وسموه ـ زورا وبهتانا ـ شعرا تارة ، وسحرا أخرى.
ولو نزل هذا القرآن على رجل ليس بعربي اللسان (أعجمي) فقرأه على كفار قريش بغير لغة العرب ، لما آمنوا ولقالوا : لا نفقه ما نسمع. فهذا إلزام