قال فرعون عن موسى عليهالسلام : (فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ، أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) [الزخرف ٤٣ / ٥٣].
٤ ـ (أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ) أي وهلا ألقي عليه كنز من السماء ، فينفق منه ، فلا يحتاج إلى التردد في الأسواق لطلب المعاش.
٥ ـ (أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها) أي إن لم يكن له كنز فلا أقل من أن يكون كأحد الدهاقين أو المياسير ، له بستان يأكل منه ، ويعيش من غلته وثمرته.
قال الزمخشري : إنهم يعنون أنه كان يجب أن يكون ملكا مستغنيا عن الأكل والتعيش ، ثم نزلوا عن اقتراحهم أن يكون ملكا إلى اقتراح أن يكون إنسانا معه ملك ، حتى يتساندا في الإنذار والتخويف ، ثم نزلوا أيضا فقالوا : وإن لم يكن مرفودا بملك ، فليكن مرفودا بكنز يلقى إليه من السماء يستظهر به ، ثم نزلوا فاقتنعوا بأن يكون رجلا له بستان يأكل منه ويرتزق. (١)
وهذا تصور مادي محض ، وقياس على أحوال أصحاب السلطة والنفوذ الدنيوي ، وتقدير منهم أن الرسالة أمر آخر فوق البشرية ، وما فهموا ولا أدركوا أن الرسول بشر أوحي إليه من عند ربه.
وبعد أن انتقصوا الرسول صلىاللهعليهوسلم بصفات أهل الدنيا ، وعيروه بها ، نفوا عنه صفة العقل ، وهي شبهة أخرى أو صفة سادسة ، فقالوا :
٦ ـ (وَقالَ الظَّالِمُونَ : إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) أي وقال الكافرون : ما تتبعون إلا رجلا سحر فاختل عقله ، فهو لا يدرك ما يقول ، فكيف يطاع فيما يأمر؟.
__________________
(١) الكشاف : ٢ / ٤٠٠