فأجاب تعالى عن هذه الشبهة بقوله :
(انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ ، فَضَلُّوا ، فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) أي انظر متعجبا أيها الرسول ، كيف قالوا فيك تلك الأقوال ، واخترعوا لك تلك الصفات ، والأحوال النادرة ، وقذفوك وافتروا عليك بقولهم : ساحر مسحور ، مجنون ، كذاب ، شاعر ، وكلها أقوال باطلة ، وأوصاف مفتراة ، لا يصدق بها من له أدنى فهم وعقل ، فصاروا متحيرين ضلّالا عن طريق الهدى والحق ، فلا يجدون طريقا إليه.
وهذا جواب إجمالي ، أردفه بجواب خاص عن طلب البستان والكنز ، فقال : (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ، وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً) أي تكاثر خير ربك ، فهو إن شاء وهب لك في الدنيا خيرا مما اقترحوا أو طلبوا ، وهو أن يعجل لك مثلما وعدك به في الآخرة من الجنات التي تجري من تحتها الأنهار ، والقصور الشامخة النادرة ، وأن يؤتيك خيرا مما يقولون في الدنيا وأفضل وأحسن. ولكن الله تعالى ادخر لك العطاء في دار الآخرة الخالدة ، لا في الدنيا الزائلة ، حتى لا تشتغل بالدنيا عن الدين ، وأداء مهمة تبليغ الرسالة ، ولأن ما عند الله خير وأبقى.
قال خيثمة : قيل للنبي صلىاللهعليهوسلم : إن شئت أن نعطيك خزائن الأرض ومفاتيحها ، ما لم نعطه نبيا قبلك ، ولا نعطي أحدا من بعدك ، ولا ينقص ذلك مما لك عند الله ، فقال : «اجمعوها لي في الآخرة» فأنزل الله عزوجل في ذلك : (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ).
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ المقارنة البناءة المثمرة بين التفكير المادي الذي يؤثر الدنيا ، والتفكير