وزور من الظنون والأمارات ، فأكثر الشياطين كاذبون فيما يوحون به إليهم ، لأنهم يسمعونهم ما لم يسمعوا ، كما أن أكثر الأفاكين كاذبون ، يفترون على الشياطين ما لم يوحوا به إليهم ، فيكون أكثر ما يحكمون به باطلا وزورا.
وقيل : يعود الضمير إلى الشياطين ، أي يلقون إلى أوليائهم الكهنة المسموع من الملائكة ، مما يختطفونه من بعض الكلمات ، مما اطلعوا عليه من المغيبات ، قبل أن يحجبوا بالرجم ، ويبعدوا عن التقاط الكلام من الملأ الأعلى ، ثم يوحون به إلى أوليائهم ، ويضمون إلى المسموع كذبا كثيرا.
والخلاصة : أن الواقع خير شاهد ، يوضح كالشمس الفرق بين النبي صلىاللهعليهوسلم والكهنة ، فكل ما أخبر به النبي عن ربه كان صادقا مطابقا للواقع ؛ ولم يعرف عنه في سيرته الطويلة المدى إلا الصدق ، وأكثر ما يخبر به الكهنة كذب يتنافى مع الواقع ، ولم يعرف عن الكهنة إلا الكذب ، لذا مجّهم التاريخ ، ورفضهم العقل ، ولم يعد يصدق أباطيلهم وترهاتهم إلا السّذّج البسطاء من الأولاد والنساء وبعض الكبار السطحيين.
وبعد أن بيّن الله تعالى الفرق بين محمد صلىاللهعليهوسلم وبين الكهنة ، بين الفرق بينه صلىاللهعليهوسلم وبين الشعراء ، ردا على الكفار القائلين : لم لا يجوز أن يقال : إن الشياطين تنزل بالقرآن على محمد ، كما أنهم ينزلون بالكهانة على الكهنة وبالشعر على الشعراء ، جريا على ما هو المعتاد بأن لكل كاهن وشاعر شيطانا ، فقال :
(وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) أي أن الشعراء يتبعهم الضالون ، ضلّال الإنس والجن ، المنحرفون عن جادة الحق والاستقامة ، أما أتباع محمد صلىاللهعليهوسلم فهم المهتدون المستقيمون القائمون على منهج الحق والإيمان بالله وعبادته والاستقامة على أمره. ثم بيّن الله تعالى تلك الغواية بأمرين :
١ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ) أي ألم تعلم أن الشعراء يخوضون في كل