وكعب بن زهير الذين ردوا على الكفار الذين كانوا يهجون المؤمنين. ومثلهم بعدئذ البوصيري رحمهالله وأحمد شوقي في مدائحه النبوية ونحوهم.
وقيل : المراد بهذا الاستثناء عبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت وكعب بن مالك وكعب بن زهير ؛ لأنهم كانوا يهجون قريشا ، وعن كعب بن مالك «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له : اهجهم ، فو الذي نفسي بيده لهو أشد عليهم من رشق النبل» وكان يقول لحسان بن ثابت : «قل وروح القدس معك».
ثم ختم الله تعالى السورة بالتهديد الشديد والوعيد الأكيد ، فقال : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) أي إن الذين ظلموا أنفسهم بالكفر وأعرضوا عن تدبر هذه الآيات ، والتأمل في هذه البينات الفارقة بين نبوة النبي وكهانة الكهان وشعر الشعراء ، سيعلمون أي مرجع يرجعون إليه بعد الموت ؛ لأن مصيرهم إلى النار ، وهو أقبح مصير ، ومرجعهم إلى العقاب ، وهو شر مرجع.
ذكر الجمهور أن المراد من الآية الزجر عن الطريقة التي وصف الله بها هؤلاء الشعراء. قال الرازي : والأول ـ أي هذا الرأي ـ أقرب إلى نظم السورة من أولها إلى آخرها. ثم قال ابن كثير : والصحيح أن هذه الآية عامة في كل ظالم ، كما قال ابن أبي حاتم ، ومن الوقائع الشهيرة في الاستشهاد بهذه الآية ما قالته عائشة : «كتب أبي في وصيته سطرين : بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما وصّى به أبو بكر بن أبي قحافة عند خروجه من الدنيا حين يؤمن الكافر ، وينتهي الفاجر ، ويصدق الكاذب ، إني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب ، فإن يعدل فذاك ظني به ، ورجائي فيه ، وإن يجر ويبدل فلا أعلم الغيب : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)».
قال القرطبي : والفرق بين المنقلب والمرجع : أن المنقلب : الانتقال إلى ضد ما هو فيه ، والمرجع : هو العود من حال هو فيها إلى حال كان عليها ، فصار كل مرجع منقلبا ، وليس كل منقلب مرجعا ، ذكره الماوردي.