وذكر الله كثيرا في كلامهم ، والانتصار من الظالم بعد ظلمه ، والانتصار يكون بالحق وحده وبما حدّه الله عزوجل ، فإن تجاوز ذلك فقد انتصر بالباطل. ثم حذر القرآن وهدد من انتصر بظلم ، فإنه سيعلم الظالمون كيف يخلصون من بين يدي الله عزوجل ، فالظالم ينتظر العقاب ، والمظلوم ينتظر النصرة.
موقف الإسلام من الشعر :
ورد عن النبي صلىاللهعليهوسلم أحاديث في الشعر ، منها ما أقره ، ومنها ما ذمّه ، فمن الأحاديث التي ذمّت الشعر : ما روى مسلم عن أبي هريرة رضياللهعنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه (١) خير من أن يمتلئ شعرا».
ومن الأحاديث التي مدحت الشعر ما رواه أحمد وأبو داود عن ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن من البيان سحرا ، وإن من الشعر حكما».
ويمكن التوفيق بين الحديثين بحمل الأول على الشعر المذموم الرديء المردود ، كالشعر الذي يتكلم في الغزل الخليع ، ويشبّب بالنساء والغلمان ، والذي يدعو إلى الفجور والفسق ، وإن كان فنا رائعا في الأدب. ومنه شعر الشاعر الذي يتخذ الشعر طريقا للتكسب ، فيفرط في المدح إذا أعطي ، وفي الهجو والذم إذا منع ، فيؤذي الناس في أموالهم وأعراضهم. ومثل هذا ، كلّ ما يكتسبه بالشعر حرام ، وكل ما يقوله من ذلك حرام عليه ، ولا يحل الإصغاء إليه ، بل يجب الإنكار عليه ، ولا يحل إعطاؤه شيئا ؛ لأن ذلك عون على المعصية ، فإن لم يجد من ذلك بدا أعطاه للضرورة بنية وقاية العرض ، فما وقى به المرء عرضه كتب له به صدقة.
__________________
(١) ورى القيح جوفه يريه وريا : أكله. والقبح : المدّة يخالطها دم.