(وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ) التأكيد بإن واللام للرد على المتشككين في القرآن.
المفردات اللغوية :
(طس) تقرأ : طا ، سين ، وهذه الحروف المقطعة التي ابتدئ بها في كثير من السور القرآنية للتنبيه ، أريد بها تحدي العرب للإتيان بمثل القرآن ، ما دام مكونا من حروف لغتهم التي بها ينطقون ويخطبون وينظمون الشعر.
(تِلْكَ آياتُ) أي هذه الآيات ، أو أي السورة (آياتُ الْقُرْآنِ) أي آيات من القرآن ، والإضافة للتفخيم لها والتعظيم ؛ لأن المضاف إلى العظيم عظيم. (وَكِتابٍ مُبِينٍ) مظهر للحق من الباطل ، والمراد بالكتاب : إما اللوح ، وإبانته : أنه قد خط فيه كل ما هو كائن ، فهو يبينه للناظرين ، وإما القرآن ذاته ، وإبانته : أنه يبين ما أودع فيه من العلوم والحكم والشرائع ، وإعجازه ظاهر مكشوف ، وإذا أريد بالكتاب هنا القرآن ، فيكون ذلك عطفا لإحدى الصفتين على الأخرى ، بزيادة صفة ، ولتغايرهما في المدلول عليه بالصفة ، من حيث إن مدلول (الْقُرْآنِ) الاجتماع ، ومدلول (كِتابٍ) الكتابة. وتنكير (كِتابٍ) للتفخيم والتعظيم.
(هُدىً) أي هو هاد من الضلالة. (وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) أي مبشرا للمصدقين بالجنة ، أو هما حالان من الآيات ، والعامل فيهما معنى الإشارة. (يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) يأتون بها تامة على وجهها المطلوب. (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) يعطون الزكاة المفروضة. (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) أي يصدقون ويعلمون بوجود الآخرة بالاستدلال ، والواو : للحال ، أو للعطف ، وتغيير النظم للدلالة على قوة يقينهم وثباته ، وأنهم الأوحدون فيه. ويصح أن تكون جملة اعتراضية ، كأنه قيل : وهؤلاء الذين يؤمنون ويعملون الصالحات هم الموقنون بالآخرة ، لأن تحمل المشاق إنما يكون لخوف العاقبة والتوثق من المحاسبة.
(زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ) القبيحة ، بأن جعلها مشتهاة للطبع ، محبوبة للنفس. (فَهُمْ يَعْمَهُونَ) يترددون ويتحيرون فيها لقبحها وعدم إدراكهم ما يتبعها من ضر أو نفع. (سُوءُ الْعَذابِ) أشده في الدنيا ، كالقتل والأسر يوم بدر. (وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) أشد الناس خسرانا ؛ لفوات المثوبة ، واستحقاق العقوبة في النار المؤبدة عليهم.
(وَإِنَّكَ) خطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم. (لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ) لتؤتاه ، ويلقى عليك بشدة. (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) من عند أحكم الحكماء وأعلم العلماء. والجمع بين الصفتين ، مع أن العلم داخل في الحكمة ، لعموم العلم ، ودلالة الحكمة على إتقان الفعل ، وللدلالة على أن علوم القرآن منها ما هو حكمة كالعقائد والشرائع ، ومنها ما ليس كذلك كالقصص والإخبار عن المغيبات.