٤ ـ عدد الله في القصة نعما ثلاثا على سليمان عليهالسلام : هي تعليمه منطق الطير وإيتاؤه الخير الكثير ، وتسخير الجن والإنس والطير ، وفهمه خطاب النملة. وأصوات الطيور والبهائم هو منطقها ، وفي مناطقها معاني التسبيح وغير ذلك ، كما أخبر تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ، وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [الإسراء ١٧ / ٤٤].
٥ ـ بدأ سليمان عليهالسلام في تعداد هذه النعم قائلا : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) وهذا تشهير لنعمة الله ، وتنويه بها ، واعتراف بمكانها ، ودعوة الناس إلى التصديق برسالته بذكر المعجزة وهي علم منطق الطير وغير ذلك مما أوتيه من عظائم الأمور.
٦ ـ اشتمل دعاء سليمان عليهالسلام على طلب الإلهام من الله شكر ما أنعم به عليه ، وعلى توفيقه لزيادة العمل الصالح والتقوى ، فهو عليهالسلام بعد أن سأل ربه شيئا خاصا وهو شكر النعمة ، سأل شيئا عاما وهو أن يعمل عملا يرضاه الله تعالى.
٧ ـ دل قوله : (فَهُمْ يُوزَعُونَ) على جواز اتخاذ الإمام والحكام وزعة (أي عرفاء) يكفّون الناس ويمنعونهم من تطاول بعضهم على بعض ؛ إذ لا يمكن الحكام ذلك بأنفسهم.
هذا .. وقد علّق ابن العربي على قول عثمان : «ما يزع الناس السلطان أكثر مما يزعهم القرآن» فقال :
وقد جهل قوم المراد بهذا الكلام ، فظنوا أن المعنى فيه أن قدرة السلطان تردع الناس أكثر مما تردعهم حدود القرآن. وهذا جهل بالله وحكمه وحكمته ووضعه لخلقه ، فإن الله ما وضع الحدود إلا مصلحة عامة كافّة قائمة لقوام الخلق ، لا زيادة عليها ولا نقصان معها ، ولا يصلح سواها ، ولكن الظلمة خاسوا بها ،