من مغربه ، قد وضع بناؤه على أن تدخل الشمس كل يوم من طاقة ، وتغرب من مقابلتها ، فيسجدون لها صباحا ومساء. وهذا ما أشارت إليه الآية التالية المبينة عقيدتهم الدينية.
(وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ ، وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ ، فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ، فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ) أي وجدت هذه الملكة وقومها يعبدون الشمس من غير الله ، وزيّن لهم الشيطان قبيح أعمالهم ، فصاروا يرون السيء حسنا ، ومنعهم الشيطان عن طريق الحق وعبادة الله الواحد الأحد ، فأصبحوا لا يهتدون إليه.
(أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ) أي لا يعرفون سبيل الحق التي هي إخلاص السجود لله وحده ، دون ما خلق من الكواكب وغيرها ، وهو الخالق المبدع الذي يخرج إلى الوجود بعد العدم كل شيء مخبوء مغيب في السموات والأرض كالمطر والنبات والمعادن والمخلوقات ، ويعلم ما يخفيه العباد وما يعلنونه من الأقوال والأفعال.
ونظير الآية في القسم الأول منها : (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ، لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ ، وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [فصلت ٤١ / ٣٧]. ونظيرها في القسم الآخر : (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ ، وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) [الرعد ١٣ / ١٠].
(اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) أي أنه بعد بيان الدليل على وجود الله وتوحيده ، وهو افتقار العالم إليه ، نزهه وأبان عظمته ، فذكر أنه الإله الواحد الذي لا شريك له ، ولا معبود بحق سواه ، وهو رب العرش العظيم الذي ليس في المخلوقات أعظم منه ، فكل عرش مهما عظم فهو دونه ، ومنها عرش بلقيس ، فكان الواجب إفراده بالعبادة. فوصف الهدهد عرش بلقيس بالعظم