فقوله : (يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وهو يتناول جميع أنواع الأرزاق والأموال وإخراجه من السماء بالغيث ، ومن الأرض بالنبات. وأما العلم فقوله : (وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ).
٨ ـ قول الهدهد (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ) وقوله (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) دليل على أنه داع إلى الخير ، وعبادة الله وحده والسجود له ، لذا نهى النبي صلىاللهعليهوسلم عن قتله ، كما روى الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة رضياللهعنه قال : «نهى النبي صلىاللهعليهوسلم عن قتل أربع من الدواب : النملة والنحلة والهدهد والصرد».
٩ ـ قوله تعالى : (أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ) دليل على أن الإمام يجب عليه أن يقبل عذر رعيته ، ويدرأ العقوبة عنهم في ظاهر أحوالهم ، بباطن أعذارهم ؛ لأن سليمان لم يعاقب الهدهد حين اعتذر إليه. وإنما صار صدق الهدهد عذرا ؛ لأنه أخبر بما يقتضي الجهاد ، وكان سليمان عليهالسلام حبب إليه الجهاد. وفي الصحيح : «ليس أحد أحبّ إليه العذر من الله ، من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل». وقد قبل عمر بن الخطاب رضياللهعنه عذر النعمان بن عدي ولم يعاقبه.
لكن للإمام أن يمتحن المعتذر إذا تعلق بالأمر حكم من أحكام الشريعة ، كما فعل سليمان بالتثبت من صدق الهدهد.
١٠ ـ دلت آية : (اذْهَبْ بِكِتابِي هذا ...) على إرسال الكتب إلى المشركين وتبليغهم الدعوة ، ودعوتهم إلى الإسلام ، وقد كتب النبي صلىاللهعليهوسلم إلى كسرى وقيصر ، وإلى كل جبار ، كما دلت الآية على سرعة الهدهد في تبليغ الكتاب إليهم ، وعلى إيتائه قوة المعرفة وفهم كلامهم ، وأن الملكة فهمت الكتاب فورا بواسطة مترجم ، وعلى حسن آداب الرسل أن يتنحوا عن المرسل إليهم بعد أداء الرسالة ، للتشاور فيها.