أن النبي صلىاللهعليهوسلم لما بلغه أن أهل فارس قد ملّكوا بنت كسرى قال : «لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة» قال القاضي أبو بكر بن العربي : هذا نص في أن المرأة لا تكون خليفة ، ولا خلاف فيه. ونقل عن محمد بن جرير الطبري أنه يجوز أن تكون المرأة قاضية ، ولم يصح ذلك عنه ، ولعله نقل عنه كما نقل عن أبي حنيفة أنها إنما تقضي فيما تشهد فيه ، وليس بأن تكون قاضية على الإطلاق ؛ ولا بأن يكتب لها منشور (أو مسطور) بأن فلانة مقدمة على الحكم ، وإنما سبيل ذلك التحكيم والاستنابة في القضية الواحدة ، بدليل قوله صلىاللهعليهوسلم : «لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة» (١). وهذا هو الظن بأبي حنيفة وابن جرير. وما روي عن عمر أنه قدّم امرأة على حسبة السوق لم يصح ، فلا يلتفت إليه ، وإنما هو من دسائس المبتدعة في الأحاديث.
٦ ـ كانت أمة بلقيس ممن يعبد الشمس ؛ لأنهم كانوا زنادقة فيما يروى ، وقيل : كانوا مجوسا يعبدون الأنوار ، وقد زين لهم الشيطان أعمالهم أي ما هم فيه من الكفر ، وصدهم عن طريق التوحيد ، فهم لا يهتدون إلى الله وتوحيده ، وزين لهم ألا يسجدوا لله ، أو فهم لا يهتدون أن يسجدوا لله ، وعلى هذا تكون (لا) زائدة ، مثل : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) [الأعراف ٧ / ١٢] أي أن تسجد.
وهذا دليل على أن ما ليس بسبيل التوحيد فليس بسبيل ينتفع به قطعا. ثم آمنت تلك الأمة واهتدت إلى الإقرار بنبوة سليمان ودعوته إلى التوحيد ، كما سيأتي بيانه.
٧ ـ إن الله الذي خلق فسوى ، وأخرج المخبوء في السموات والأرض كالمطر من السماء والنبات والكنوز من الأرض ، هو الذي تجب عبادته ، وهو الذي يستحق العبادة. والآية دلت على وصف الله تعالى بالقدرة والعلم ، أما القدرة :
__________________
(١) أحكام القرآن لابن العربي : ٣ / ١٨٣.