التفسير والبيان :
لما اقترب وفد بلقيس من بلاد الشام ، جمع سليمان عليهالسلام جنده من الجن والإنس ، وخاطبهم بقوله :
(قالَ : يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) أي قال سليمان : يا أيها السادة الأعوان ، من منكم يستطيع الإتيان بعرش (سرير) بلقيس قبل وصولها مع وفدها إلينا منقادين طائعين ، ليكون ذلك دليلا على صدق نبوتنا ، ومعجزة إلهية تعرف بها أن مملكتها صغيرة أمام عجائب الله وبدائع قدرته؟ فأجابه بعض جنده :
(قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ : أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ ، وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) أي قال شيطان مارد من الجن : أنا أحضره إليك قبل انفضاض مجلس حكمك وقضائك ، وكان يمتد إلى منتصف النهار ، ثم أكد عزمه وضمن نتيجة فعله بقوله : وإني على حمله لقادر غير عاجز ، أمين غير خائن ، لا آخذ منه شيئا ، ولا أمسّ ما فيه من الجواهر واللآلئ.
ثم أجابه آخر بعد أن قال سليمان : أريد أعجل من ذلك ، لأنه أراد بإحضار هذا السرير عظمة ما وهب الله له من الملك وما سخر له من الجنود الذي لم يعطه أحد قبله ولا يكون لأحد بعده ، وليتخذ ذلك حجة على نبوته عند بلقيس وقومها ، بأن يأتي بخارق عظيم وهو إحضار سريرها من بلادها في اليمن بعد أن تركته محفوظا ، قبل وصولها إليه :
(قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ : أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) أي قال عالم من علماء أسرار الكتاب الإلهي : أنا أحضره في لمح البصر قبل أن تغمض عينك وقبل أن يرجع إليك نظرك.