(فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أي وكان من آثار إنزال العذاب بهم أن أصبحت مساكنهم خالية بسبب ظلمهم أنفسهم ، إن في هذا العقاب لعبرة وموعظة لأناس أهل معرفة وعلم ، يعلمون بسنة الله في خلقه ، وبأن النتائج مرتبطة بالأسباب ، فالويل كل الويل لمن كفر بالله وكذب رسله ، ولم يقلع عن طغيانه وعناده وكفره.
أما المؤمنون فهم دائما ناجون كما قال سبحانه :
(وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) أي ونجينا من العذاب صالحا النبي ومن آمن به إذ ساروا إلى بلاد الشام ونزلوا بالرملة من فلسطين ؛ لأن الإيمان واتقاء عذاب الله بطاعته سبب دائم للنجاة من عذاب الدنيا والآخرة.
والمقصود تذكير قريش والعرب وتحذيرهم بأنهم إن استمروا في كفرهم وعنادهم عذبوا كما عذّب أمثالهم ، وأن محمدا صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين المصدقين برسالته ينجيهم الله برحمة منه وفضل.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ من البداهة أن ينقسم الناس بعد النبوة إلى فريقين : فريق مؤمن وفريق كافر ، وليس هذا شرا ، وإنما هو أثر طبيعي من آثار الرسالة النبوية ، وهو حجة على الكافرين وليس ذريعة لهم في معاداة الأنبياء.
٢ ـ المخاطبون بالرسالة الإلهية هم المخطئون المقصرون بتفويت فرصة الخير على أنفسهم ، لذا قال صالح عليهالسلام لقوله : (لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ) أي لم تؤخرون الإيمان الذي يجلب إليكم الثواب ، وتقدمون الكفر الذي يوجب العقاب ، فكانوا يقولون لفرط الإنكار : ايتنا بالعذاب. وهم لم يدركوا أن الإيمان سبب للرحمة ، والكفر سبب للعذاب.