٣ ـ لقد استبد الجهل والعناد بقوم صالح فقالوا بغلظة : لقد تشاءمنا منك وممن آمن بك ، والشؤم : النحس ، ولا شيء أضر بالرأي ولا أفسد للتدبير من اعتقاد الطّيرة أي التشاؤم ، ومن ظن أن خوار بقرة أو نعيق غراب يرد قضاء ، أو يدفع مقدورا فقد جهل. وقد كانت العرب أكثر الناس طيرة ، وكانت إذا أرادت سفرا نفّرت طائرا ، فإذا طار يمنة سارت وتيمنت ، وإن طار شمالا رجعت وتشاءمت ، فنهى النبي صلىاللهعليهوسلم عن ذلك ، وقال فيما رواه أبو داود والحاكم عن أم كرز : «أقرّوا الطير على وكناتها» أي أعشاشها ولا تنفروها ، وفي رواية : «مكناتها».
ورد صالح على قومه : (قالَ : طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ ، بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) أي مصائبكم عند ربكم ، وأنتم قوم تمتحنون ، وقيل : تعذبون بذنوبكم.
٤ ـ إن قادة السوء ودعاة الكفر من أشد الناس عذابا يوم القيامة ، ويضاعف لهم العذاب ، لذا خصص القرآن التنديد بتسعة رجال من أبناء مدينة صالح وهي الحجر ، وكانوا عظماء المدينة ، وكانوا يفسدون في الأرض ويأمرون بالفساد ، ويدعون قومهم إلى الكفر والضلال. وكان قدار بن سالف الذي عقر الناقة أحد هؤلاء التسعة زعماء الاجرام. وزاد من طغيانهم أنهم عقروا الناقة ، وتآمروا على قتل نبي الله صالح عليهالسلام ، فكانوا عتاة قوم صالح ، مع أنهم كانوا من أبناء أشرافهم.
٥ ـ إن كل مكر أو تدبير خفي أو مؤامرة دنيئة كالتآمر على قتل نبي ، ذو عاقبة سيئة ، فلا يحيق المكر السيء إلا بأهله ، لذا كان عقاب قبيلة ثمود بسبب كفرهم وطغيانهم التدمير والإهلاك بصيحة جبريل عليهالسلام وبإمطار الملائكة عليهم حجارة قاتلة قتلتهم. قال القرطبي : والأظهر أن التسعة هلكوا بعذاب مفرد ، ثم هلك الباقون بالصيحة والدمدمة.
٦ ـ بقيت آثار الدمار شاهدة على سوء أفعال ثمود ، فصارت بيوتهم خالية من