المناسبة :
بعد بيان مواقف المشركين في إنكار نزول القرآن من الله ، والطعن في نبوة محمدصلىاللهعليهوسلم ، وعدم الإيمان برسالته ، وإيراد الشبهات الواهية حول ذلك ، أبان الله تعالى إسرافهم في الشطط والغلو والاستعلاء ، وإساءتهم لهذا الرسول صلىاللهعليهوسلم بالاستهزاء به ، والاستهانة بشخصه ، والحط من قدره ، متهكمين على اختياره للبعثة النبوية ، ومغالين في ذلك حتى سموا دعوته إضلالا ، ولجؤوا إلى التحذير من تأثير تلك الدعوة القوية والآيات والحجج البالغة التي شارفت أن تجرفهم إلى الإيمان ، وترك دينهم إلى دين الإسلام ، لو لا ثباتهم على الوثنية ، واستمساكهم بعبادة آلهتهم.
التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عن استهزاء المشركين بالرسول صلىاللهعليهوسلم وتعييره بالعيب والنقص ، فيقول :
(وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) أي إذا رآك أيها النبي المشركون الذين كفروا بالله ورسوله ، ما يتخذونك إلا موضع هزء وسخرية ، أو مهزوءا به ، مقارنة بما هم عليه من العزة والسيادة والغنى ، وما أنت عليه من الفقر واليتم والمسكنة.
(أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) ويقولون على سبيل التنقص والازدراء : أهذا المبعوث من عند الله رسولا إلينا؟ كما قال تعالى في شأن غيره : (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ) [الأنعام ٦ / ١٠].
قبحهم الله ، فلم يكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلا المثل الأعلى للأنبياء وللبشر قاطبة في مشيه وسلوكه وتصرفاته وأخلاقه وفكره ومنطقه العذب ، ولكنه العناد في