وفي الليل وسكونه ، والنوم وراحته ، والنهار وحركته دليل واضح على وجود الإله الخالق القادر المتصرف في الكون ، ففي ضوء النهار الحياة والبهجة والحركة والعمل ، وفي الليل الهدوء والسكون وإعداد النفس للكد والكدح والجهاد ، والله تعالى جعل لكل ظرف ما يناسبه تماما ويحقق المقصود على أكمل وجه. وهذه الآية مع دلالتها على قدرة الخالق ، فيها إظهار لنعمته على خلقه ؛ لأن في ستر الليل فوائد دينية ودنيوية ، وفي تشبيه النوم واليقظة بالموت والحياة عبرة لمن اعتبر.
٣ ـ (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) أي والله تعالى الذي يرسل الرياح مبشّرات بمجيء السحاب وهطول الأمطار.
(وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) أي وأنزلنا مطرا من السماء ، أي السحاب وجعلناه طاهرا مطهّرا ، أي وسيلة يتطهر بها في تنظيف الأجسام والملابس والأشياء المختلفة ، والانتفاع به في الطعام والشراب وسقي النباتات والحيوانات. والطهور : اسم لما يتطهر به كالوضوء لما يتوضأ به ، والوقود لما يوقد به. روى الشافعي وأحمد وصححه ، وأبو داود والترمذي وحسنه ، والنسائي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الماء طهور لا ينجّسه شيء». وروى أبو داود والترمذي والنسائي أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لما سئل عن التوضؤ بماء البحر : «هو الطّهور ماؤه ، الحلّ ميتته». وقال سعيد بن المسيّب في هذه الآية : أنزله الله طهورا ، لا ينجسه شيء.
(لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) أي وأنزلناه لإحياء الأرض التي لا نبات فيها ، وطال انتظارها للغيث ، فتصبح بعد ريها مزدهرة بأنواع النبات والزهر والشجر ، كما قال تعالى : (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ، وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) [الحج ٢٢ / ٥].