وقوله : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ) يجوز أن تكون هذه الرؤية من رؤية العين ، ويجوز أن تكون من العلم ، أي من رؤية القلب. والخطاب وإن كان في الظاهر للرسول صلىاللهعليهوسلم فهو عام في المعنى.
والشمس دليل على الظل ؛ لأن الأشياء تعرف بأضدادها ، ولو لا الشمس ما عرف الظل ، ولو لا النور ما عرفت الظلمة ، فالشمس دليل ، أي حجة وبرهان.
ويتفاوت طول الظل وقصره أثناء النهار تفاوتا سهلا يسيرا ، شيئا فشيئا ، والله هو الذي يقبضه بيسر وسهولة ، وكل أمر ربنا عليه يسير.
ثانيا ـ الليل ستر للخلق يقوم مقام اللباس في ستر البدن ، والنوم راحة للأبدان بالانقطاع عن الأشغال ، والنهار ذو نشور ، أي انتشار للمعاش ، فهو سبب الإحياء للانتشار. والنوم ليلا يشبه الإماتة ، واليقظة نهارا تشبه البعث ، وكان صلىاللهعليهوسلم إذا أصبح قال : «الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور».
ثالثا ـ الرياح مبشّرات بهطول المطر ، تقود السحب من مكان إلى آخر ، والأمطار الهاطلة حياة الأبدان والنباتات والحيوانات ، وهي ماء طهور أي ما يتطهر به ، والمراد أنه مطهر. وأجمعت الأمة على أن وصف (طهور) يختص بالماء ، ولا يتعدى إلى سائر المائعات ، وهي طاهرة.
والمياه المنزلة من السماء والمودعة في الأرض طاهرة مطهرة ، على اختلاف ألوانها وطعومها وأرياحها حتى يخالطها غيرها. والمخالط للماء ثلاثة أنواع : نوع يوافقه في صفتيه جميعا وهو التراب طاهر مطهر ، ونوع يوافقه في إحدى صفتيه وهي الطهارة ، فإذا خالطه فغيّره سلبه صلاحية التطهير وهو ماء الورد وسائر المائعات الطاهرات ، ونوع يخالفه في الصفتين جميعا ، وهو النجس.
ويرى الجمهور أن قليل الماء يفسده قليل النجاسة ، والكثير لا يفسده إلا