ما غيّر لونه أو طعمه أو ريحه من النجاسات. ويرى أبو حنيفة أنه إذا وقعت نجاسة في الماء أفسدته ، كثيرا كان أو قليلا إذا تحققت النجاسة فيه ، فإن وقعت نقطة بول في بركة ، فإن كانت البركة يتحرك طرفاها بتحرك أحدهما فالكل نجس ، وإن كانت حركة أحد الطرفين لا تحرك الآخر لم ينجس.
وميّز الشافعية بين القليل والكثير بمقدار القلتين (١٥ صفيحة) فإذا بلغ الماء قلتين ، فوقعت فيه نجاسة ، ولم تغير طعمه أو لونه أو ريحه ، فهو طاهر مطهر ، وإذا غيرت أحد أوصافه ، ولو تغيرا يسيرا فنجس ؛ لقوله صلىاللهعليهوسلم فيما رواه أصحاب السنن الأربعة عن ابن عمر : «إذا بلغ الماء قلّتين ، لم يحمل الخبث» أو «لم ينجس» قال الحاكم : على شرط الشيخين : البخاري ومسلم.
ولا حدّ عند المالكية بين القليل والكثير ، والمرجع فيه إلى العرف والعادة ، فما هو قدر آنية الوضوء والغسل قليل يسير ، وما يزيد عن ذلك كثير.
ولا يضر تغير الماء بما في مقره وممره كزرنيخ وطحلب وورق شجر ينبت عليه. وكذلك لا يضر ما مات في الماء مما لا دم له ، أو له دم سائل من دواب الماء ، كالحوت والضفدع إن لم يغيّر ريحه.
والماء المستعمل القليل في رفع حدث أو إزالة نجس طاهر مطهر عند المالكية ، وطاهر غير مطهر عند الجمهور. ودليل المالكية : الآية التي وصفت الماء بالطهور والمطهر ، والأصل في الثابت بقاؤه ، والسنة وهو أنه صلىاللهعليهوسلم توضأ فمسح رأسه بفضل ماء في يده ، وأنه توضأ فأخذ من بلل لحيته ، فمسح به رأسه ، والقياس : وهو أنه ماء طاهر لقي جسدا طاهرا ، فأشبه ما إذا لقي حجارة أو حديدا. ودليل الجمهور قوله صلىاللهعليهوسلم فيما رواه مسلم : «لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم (١) وهو جنب» ولو بقي الماء كما كان طاهرا مطهرا لما كان للمنع منه معنى.
__________________
(١) الماء الدائم : هو الراكد الساكن.