(فَلا تَنْتَصِرانِ) أي في وقت إرسال الشواظ عليكما ، والمعنى : فإذا انشقت السماء وذابت ، وصارت الأرض والجو والسماء كلها نارا ، فكيف تنتصران؟
(فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ ، فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) أي فإذا جاء يوم القيامة ، انصدعت السماء ، وتبددت وصارت كوردة حمراء ، وذابت مثل الدهن ، أو تلونت كالجلد الأحمر ، والمراد أنها تذوب كما يذوب الزيت ، وتتلون كما تتلون الأصباغ التي يدهن بها ، فتارة حمراء ، أو صفراء ، أو زرقاء ، أو خضراء ، وذلك من شدة الأمر ، وهول يوم القيامة.
ونظائر الآية كثير ، مثل : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) [الانشقاق ٨٤ / ١] ، (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ) [الانفطار ٨٢ / ١] ، (وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ) [الحاقة ٦٩ / ١٦] ، (يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً) [الفرقان ٢٥ / ٢٥].
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي فبأي نعم الله تكذبان أيها الإنس والجن؟ فإن الخبر بذلك فيه رهبة ورعب يزجر السامع عن الشرّ ، وبأي نعم الله تكذبان مما يكون بعد ذلك؟
(فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) أي يوم تنشق السماء ، لا يسأل أحد من الإنس ولا من الجنّ عن ذنبه ، لأنهم يعرفون بسيماهم عند خروجهم من قبورهم ، ولأن الله سبحانه قد أحصى الأعمال ، وحفظها على العباد. وقال مجاهد في هذه الآية : لا تسأل الملائكة عن المجرمين ، بل يعرفون بسيماهم.
وهذا كقوله تعالى : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ ، وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) [المرسلات ٧٧ / ٣٥ ـ ٣٦] ، ثم يسألون بعدئذ في حال أخرى يوم يسأل الخلائق عن جميع أعمالهم في موقف الحساب ، كما قال تعالى : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا