كانُوا يَعْمَلُونَ) [الحجر ١٥ / ٩٢] ، وقال سبحانه : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) [الصافات ٣٧ / ٢٤].
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) بأي نعم الله تكذبان؟ مما أنعم الله على عباده المؤمنين في هذا اليوم ، ومن هذا التخويف والإنذار المسبق ، ليرتدع الناس عن الذنوب ، ويثوبوا إلى رشدهم.
ثم أبان الله تعالى سبب عدم السؤال ، فقال :
(يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ ، فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) أي يعرف الكفار والفجار يوم خروجهم من القبور بعلاماتهم ، وهي كونهم سود الوجوه ، زرق العيون ، يعلوهم الحزن والكآبة ، فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم مجموعا بينهما ، فتجعل الأقدام مضمومة إلى النواصي ، وتلقيهم الملائكة في النار. والناصية : مقدّم شعر الرأس. وإفراد (فَيُؤْخَذُ) مع أن المجرمين جمع ، وهم المأخوذون ، لأن (فَيُؤْخَذُ) متعلق بقوله تعالى : (بِالنَّواصِي) كما يقال : ذهب بزيد.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) بأي النعم تتجرأان على تكذيبها ، فقد أنذرتم وحذرتم مسبقا ، وعرفتم المصير المنتظر في عالم الآخرة؟
(هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ ، يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) ها هنا إضمار ، أي يقال لهم عند ذلك توبيخا وتأنيبا : هذه نار جهنم التي تشاهدونها وتنظرون إليها التي كنتم تكذبون بوجودها ، وتنكرون حدوثها ، ها هي حاضرة أمامكم ترونها عيانا.
وهم تارة يعذبون في الجحيم للاحتراق ، وتارة يسقون من الحميم : وهو الشراب أو الماء المغلي الشديد الحرارة ، الذي هو كالنحاس المذاب ، يقطع الأمعاء والأحشاء ، كقوله تعالى : (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ ، وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ. فِي