زرعنا ، لسوء حظنا ، والمحروم : الممنوع من الرزق ، وهو ضدّ المرزوق.
ثم ذكر الله تعالى من دليل الرزق بعد المأكول وهو المشروب ، فقال :
(أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ، أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ ، أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ؟) أي أخبروني أيها الناس عن الماء العذب الذي تشربونه لإطفاء العطش ، أأنتم أنزلتموه من السحاب ، أم نحن المنزلون بقدرتنا دون غيرنا ، فكيف لا تقرّون بالتوحيد ، وتصدقون بالبعث؟
(لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً ، فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ) أي لا عمل لكم في إنزال الماء أصلا ، فهو محض النعمة ، ولو نريد لجعلناه ملحا لا يصلح لشرب ولا زرع ، فهلا تشكرون نعمة الله الذي خلق لكم ماء عذبا زلالا ، تشربون منه وتنتفعون به ، كما قال تعالى : (لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ ، وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ، يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ ، وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [النحل ١٦ / ١٠ ـ ١١].
روى ابن أبي حاتم عن أبي جعفر عن النّبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان إذا شرب الماء ، قال : «الحمد لله الذي سقانا عذبا فراتا برحمته ، ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا».
ثم ذكر النار أداة الإصلاح ، فقال :
(أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ ، أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) أي أفرأيتم النار التي تستخرجونها بالقدح من الزناد ، أأنتم أنشأتم شجرتها التي كانوا يقدحون منها النار ، أم نحن المنشئون لها بقدرتنا دونكم؟ وكان للعرب شجرتان يقدحون بهما النار وهما المرخ والعفار ، بأن يؤخذ منهما غصنان أخضران ، ويحك أحدهما بالآخر ، فيتناثر من بينهما شرر النار.