الأعمال كلها يوم الدين ، وأنها هي بنفسها الجزاء ، وأنّ الدين الحق هو الميزان لثقل الميزان وخفته (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ) فالقيامة هي يوم الدين الشّرعة والكتاب ميزانا ، والدين الطاعة والمعصية ظهورا ، والدين بحقيقته جزاء وفاقا.
وهكذا يكون آيات السبع المثاني بكلماتها ، نماذج رئيسية محكمة عن تفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين.
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (٥).
العبادة هي الانتصاب للمعبود في منصب المعبودية ، استجاشة لكل الطاقات والإمكانيات في جانحة او جارحة لخدمته ، بكل ذل وانكسار ، بعيدا عن كل عزّة واستكبار ، وهي درجات كما الاستكبار دركات ، ولأن العبد «المملوك» قد يملك بعضه ويملك في بعض ، لمالك او مالكين ، وهو مطلق العبد ، وآخر يملك كله لشركاء متشاكسين وهو العبد المطلق ولكن ليس في إطلاق العبودية وإخلاصه لمالك واحد ، وقد يملكه مالك واحد ولكنه يستسلم له مع أهواء آخرين ، وذلك الثالوث خارج عن مغزى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) فإنها عبادة خالصة لله رب العالمين ، بملكية حقيقة لا تشذ عن ذاته ولا عن عبادته شيئا لغير الله وفي غير الله.
وهي جوهريا تنافي الاستكبار : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) (٤٠ : ٦٠) كما الإخلاص فيها ينافي الإشراك لها : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (١٨ : ١١٠) كما وبأحرى ينافي الإشراك فيها (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (١٧ : ٢٣).
إن المعبود الحق وهو الله يملك عبادا سواك ف (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي