السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً ، لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا) (١٩ : ٩٤) ولكنك لا تجد معبودا بحق سواه ، وهو يربّيك كأن ليس له عبد سواك ، ثم أنت تعبده ـ ان كنت عابده ـ كأن لك أربابا سواه! إنه لا بد لك من معبود حقا أو باطلا ، وقولة القائل : إن العبودية ذلّ أيا كان المعبود ، والإنسان عزيز أيا كان ، فليرفض العبودية لايّ كان ، إنه هرطقة هراء ، والله منها براء.
أجل إن العبودية الذل أمام الذليل والأذل كما يفعلها الذين يعبدون من دون الله ، إنها ذلّ وظلم ومس من كرامة الإنسان ، ولكنها أمام الله عز وعدل وفضل يرجع إلى الإنسان ، ولا يتحلّل أي ذي حجى أم ذي شعور عن عبادة مّا حقا أو باطلا.
وبصيغة مختصرة محتصرة إن في الكون إلهين اثنين معبودين : حق وباطل ، فالباطل هو عبادة النفس والهوى ، والحق هو عبادة الله على هدى ، وليست عبادة من سوى الله إلّا ناتجة عن عبادة الهوى : (وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) (٣٨ : ٢٦).
ومثلا على العابدين الإنسان أيا كان ، وحتى الذي يدعي الألوهية من دون الله ، فإن له إلها وآلهة من أصنام وأوثان ، مهما كان هو طاغوتا لمستضعفي الإنسان ، ولأقل تقدير هو يعبد نفسه وهواه (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) (٤٥ : ٢٦).
إنه ليست لله تعالى حظوة في عباداتنا ، فنحن الذين نحظوا بعبادته ، حظوة معنوية لأنها اتصال معرفي باللّانهاية في الكمال ، وأخرى حيويّة أخرى ، أنه يدلنا بها إلى التقوى ويردعنا عن الطغوى : (ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ. إِنَّ اللهَ