درجات وفي التخلف عنهما دركات.
وهنا في (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) انتقالة من غياب الحمد إلى حضور العبادة والاستعانة ، حيث المعرفة البدائية وهي شرط العبادة ، هي غائبة بطبيعة الحال ، ومن ثم إلى حضور المعبود المعروف بما عرّف نفسه وتعرّفنا إليه في خطوات سابقة سابغة : (بِسْمِ اللهِ) ـ إلى ـ (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) أنت قبل صلاتك منشغل عن الله بمشاغل الحياة وشواغلها ، فلما تكبّر وتعني به أنه أكبر من أن يوصف ، تأخذ في التغافل عما سوى الله والانشغال بالله ، ولكي تتهيّأ لحضوره في معراج الصلاة تقدّم ما تقدّم على (إِيَّاكَ نَعْبُدُ ..) وحين تكمّل أصول المعرفة والدين بالبسملة ـ إلى ـ مالك يوم الدين ، هنا يسمح لك أن تخاطب صاحب المعراج ب (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
فمن قبل كنت في غياب هو مطلق الحضور ، وأنت الآن في الحضور المطلق.
ف «اعبد ربك كأنك تراه وإن لم تكن تراه فإنه يراك».
في (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) خرق لكافة الحجب ظلمانية ونورانية ، وهو مجال فاسح لمقام التدلّي في «أو أدنى» بعد ما «دنى» فالدنو المعرفي العبودي كقاب قوسين ، يعني أن ليس بينه وبين الله أحد ، ثم التدلي هو أن ينمحي العابد عن نفسه كما محّى ما سواه فلا يبقى إلّا حجاب الذات المقدسة وهو لزام الألوهية : بيني وبينك إني ينازعني ـ فارفع بلطفك إني من البين.
الله تبارك وتعالى حاضر لدى كل كائن ، وناظر إليه رقيب عليه ، وهو أقرب منه إليه (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) قربا علميا وقيوميا ، لا