التطامن والتذلل ، فإبراز نفسك كفرد زائد أمام ربك فضلا عن جمعك.
وإنما يعني أمورا عدة بين راجحة ومفروضة ، وكلها مفروضة في شرعة المعرفة.
فلكي لا تكذب في صلاتك ادعاء لحصر عبادتك في الله ، تدمج نفسك في جموع العابدين ، من الملائكة والجنة والناس أجمعين ، من السابقين والمقربين وأصحاب اليمين ، حتى تصدق دعواك في حصر العبادة ، فان المخلصين صادقون في حصرهم بأسرهم ، فأنا ـ إذا ـ قائل عنهم ، وناقل منهم وان لم أكن بنفسي أهلا لتلك الدعوى ، فلّعلي أسير بسيرتهم فأكون معهم (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (٤ : ٦٩).
فإذا أنت تقبل حق العبادة أيها الرب الجليل ، فاقبل مني أنا الذليل البائس الهزيل ، تلك العبادة الخليطة بعبادات المخلصين.
ثم دمجا لنفسي في كل العالمين ممن يعبده ويسجد له طوعا أو كرها ف (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) والكون محراب فسيح تعبد فيه الكائنات ربها بلسان فصيح وغير فصيح.
ولأن الصلاة جماعة أحرى أم هي مفروضة كأصلها ف (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) هي حكاية الحال الحاضرة والمقال لجموع المصلين ، ومعنا ملائكة الله إن كنا في صلاتنا فاردين ، ومعنا سائر الكون على أية حال.
وحتى إن كنا في حصر العبادة لله صادقين ، علينا أن نخفي أنفسنا في جموع العابدين تحرزا عن الإنّية والظهور ، وإعفاء لأثر الشخوص والغرور ، فلا أنا لائق للإشخاص والشخوص ، ولا عبادتي تليق بحضرة المعبود ، إذا ف «نعبد ونستعين واهدنا» في مثلث من انمحاء الشخصية أمام