ثم العبادة لا تنحصر في مجالات الذكر والصلاة والحج : فانها تشمل كافة حركات الحياة وسكناتها ، فلتكن كلها صلاة لله وصلات بالله لتصبح الكل عبادة لله.
ولأن العابدين فرادى وجماعات لا يقدرون على إخلاص العبادة لله لضعفهم في أنفسهم ووجاه عرقلات الشياطين ، فلا حول عن معصية الله إلّا بعصمة الله ، ولا قوة على طاعة الله إلّا بعون الله ، فعلينا الاستعانة بالله في (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) كما في سواه ، استعانة تكوينية وتشريعية في : كيف نعبده ، هديا إلى صراط مستقيم في عبادته ، وفي تحقيق حق العبادة الخالصة هديا إلى الصراط إيصالا إلى المطلوب منه ، فلو لا الإعانة تشريعية وتكوينية لم تتحقق العبادة اللّائقة الخالصة.
ف (إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) على طاعتك وعبادتك «وعلى دفع شرور أعدائك وردّ مكائدهم والمقام على ما أمرتنا به» (١) و (إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) : استزادة من توفيقه وعبادته واستدامة لما أنعم الله عليه ونصره (٢) (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) : أفضل ما طلب به العباد حوائجهم(٣).
ولماذا (إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) دون «بك نستعين»؟
لأن بينهما فارقا والنص يوحي بتوحيد الأولى دون الثانية ، سامحا للاستعانة بغير الله في الله وإلى الله حين يأذن الله ويرضى ، فالمستعان ـ فقط ـ هو الله ، ثم المستعان به في الله وإلى الله في إعانة هو الله ومن يأذن به
__________________
(١) تفسير الامام الحسن العسكري (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
(٢) من لا يحضره الفقيه عن العلل عن الرضا (عليه السلام).
(٣) مجمع البيان عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).