وهو على عظمه وصراطه القمّة المقتدى به يتطلّب في صلواته ليل نهار (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)!
وكيف لا يكون هو صراطا ومطاعا للمنعم عليهم طول الزمان وعرض المكان ، وقد كانت نبواتهم وكتاباتهم مشروطة بالإيمان به ونصرته ، فهو أوّلهم ميثاقا وخاتمهم مبعثا :
(وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) (٦ : ٧٥).
ونرى في سرد حكيم في الذكر الحكيم للأولين من مربع المنعم عليهم ، عديدا من النبيين : كزكريا ـ يحيى ـ عيسى ـ إبراهيم ـ إسحاق ـ يعقوب ـ موسى ـ إسماعيل وإدريس : (إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا ، وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا : أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا) (١٩ : ٥٨).
وعلّ ممن هدينا واجتبينا من لم يذكروا من النبيين ، وكذلك الصديقين والشهداء والصالحين.
ثم النّعمة للأولين وأضرابهم من المعصومين كالصديقين ، هي نعمة العصمة على درجاتها ، فإنهم كانوا على صراط مستقيم ، هادين إلى صراط مستقيم.
والمعيّة المعنيّة هنا لمن يطع الله والرسول هي المعية في أصل الصراط ، لا سيما وأن الصراط المستقيم إلى الله واحد ، مهما كان الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق ، والصراط المستقيم ـ على أية حال ـ هو سلالة ما تستهدفه