إشاراته ، فإذا شرب كأسا من هذا المشرب فحينئذ لا يختار على ذلك الحال حالا وعلى ذلك الوقت وقتا بل يؤثره على كل طاعة وعبادة لأن فيه المناجاة مع الرب بلا واسطة فانظر كيف تقرأ كتاب ربك ومنشور ولايتك ، وكيف تجيب أوامره ونواهيه ، وكيف تمتثل حدوده فانه كتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، فرتله ترتيلا ، وقف عند وعده ووعيده ، وتفكر في أمثاله ومواعظه واحذر ان تقع من إقامتك حروفه في اضاعة حدوده» (١).
فالأصل في كل شارد ووارد هو القرآن ، يردّ اليه غير الضروري من الدين ، ليعرف به المارد عن الوارد ، ويميّز به الغث عن السمين والخائن عن الأمين.
وإذا كان القرآن هو المعوّل والمرجع لسواه ، فبأن يكون مرجعا لنفسه أحرى ، حيث التمسك بالقرآن في الأمور المشتبهة إصلاح لها ، ووصول للرشد فيها ، فهو هو أحق ان يمسّك في تفسيره بنفسه : (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) (٧ : ١٧)! فالذين لا يمسكون بالكتاب او يمسّكون في تفسير الكتاب بغير الكتاب هم من المفسدين ، حيث المرجع الوحيد في المختلف فيه هو الله ، ولا يمثل الحكم فيه إلا كتاب الله : (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ) (٤٢ : ١٧) ثم وموقف السنة المحمدية هو موقف الهامش الشارح لكتاب الله ، ما ثبت أنها من سنته ، ولا يعرف إلا بموافقته لكتاب الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (٤ : ٥٩) ـ ف «اردد الى الله ورسوله ما يضلعك من
__________________
(١) عن مصباح الشريعة المنسوب الى الامام الصادق (عليه السلام).