انه «بقية استخلفها عليكم كتاب الله الناطق والقرآن الصادق والنور الساطع ، والضياء اللامع ، بينة بصائره منكشفة سرائره ، متجلية ظواهره ، مغتبط به أشياعه ، قائد الى الرضوان اتّباعه مؤدّ إلى النجاة استماعه ، به تنال حجج الله المنورة ، وعزائمه المفسّرة ، ومحارمه المخدّرة ، وبيناته الجالية ، وبراهينه الكافية ، وفضائله المندوبة ، ورخصه الموهوبة ، وشرائعه المكتوبة» (١)
وقد سئل علي (عليه السلام) هل عندكم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيء من الوحي؟ قال : لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، إلا أن يعطي عبدا فهما في كتابه (٢) تدليلا على أن القرآن هو الوحي الأصيل ، والضابطة بلا بديل ، ووحي السنة هامشي ليس يوصّل إلا فهما لوحي القرآن وتفصيلا.
فلنخضع للقرآن كما لله فإنه خير كلام لله ، وقد روي عن الإمام الصادق (ع) انه قال : «من قرأ القرآن ولم يخضع له ولم يرقّ عليه ولم يغش حزنا او وجلا في سرّه فقد استهان بعظم شأن الله وخسر خسرانا مبينا ، فقارئ القرآن يحتاج الى ثلاثة أشياء : قلب خاشع وبدن فارغ وموضع خال ، فإذا خشع لله قلبه فرّ منه الشيطان الرجيم ، وإذا تفرغ نفسه من الأسباب تجرد قلبه للقراءة فلا يعترضه عارض فيحرمه نور القرآن وفوائده ، وإذا اتخذ مجلسا خاليا واعتزل من الخلق بعد ان أتى بالخصلتين الأوليين استأنس روحه وسره بالله ، ووجد حلاوة مخاطبات الله عباده الصالحين ، وعلم لطفه بهم ، ومقام اختصاصه لهم ، بقبول كراماته ، وبدائع
__________________
(١) من خطبة الصديقة الطاهرة الزهراء بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما غصب حقها.
(٢) عن مصباح الشريعة المنسوب الى الإمام الصادق (عليه السلام).