وأليق ، لحدّ يجعل حياة المؤمن حياة التقوى إذ يصبح من شرط الحق الذائدين عنه ، المضحّين في سبيله بالنفس والنفيس.
ولأن الإيمان بغيب الألوهية واليوم الآخر هما الأصل لسائر الغيوب ، حتى وغيب الوحي ، تراهما كحجرى الأساس للتقوى ، فهنا يتوسطها سائر الغيب والشهادة ، وقد تترك الأوساط : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ) (٢١ : ٤٩).
ولأن إقام الصلاة أقوم عماد في الشهادة للإيمان بغيب الألوهية تراه يقرن به ظرفا لتأثير الإنذار ، وكأنه فقط من نتائجه : (.. إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) (٣٥ : ١٨).
ولأن اتبّاع الذكر الذي يحمله وحي الرسالات والكتب هو من أهم لزامات الإيمان بغيب الألوهية ، تراه قرينا له لتأثير الإنذار : (إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ ..) (٣٦ : ١١).
ولأن الأصل الأهم في الغيب هو غيب الألوهية لمن جاء بقلب منيب نراه مفردا دون
قرين : (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ. هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ، مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) (٥٠ : ٣٣).
إذا فالتقوى تنبع من الإيمان بغيب الألوهية ، ثم غيب الآخرة ، ثم غيب الوحي ، ثم تضرب بها إلى مظاهر الشهود ، في الصلاة كأهم الرباطات بالخالق ، وكالزكاة كأهمها بالخلق.