وهناك جهال غابت عقولهم وغربت ، يحاولون إدراك ذات الله بما يدركون الكون المحسوس ، وهم عاجزون عن إدراك حقيقة المحسوس.
وآخرون يحاولون الحيطة العقلية او العلمية بذاته تعالى (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) (٢٠ : ١١٠).
فإنما الممكن في هذا المجال التأكّد من وجود الغيب فالإيمان به كما هو ، لا كما نعرفه أو نحيط به ، كما الكثير من الطاقات المادية ، كالذرة والقوة الجاذبية العامة ، نصدق بها بأدلتها دون أن نحسها أو ندركها ، فغيب الذات الألوهية أحق بعدم الحيطة وأحرى.
ثم الغيب هنا ثلاث مذكورة كأصوله ، وهناك غيوب غير مذكورة كفروع لها ، من غيب البرزخ وهو من فروع غيب الآخرة ، ومن غيب القائم المهدي (عليه السلام) (١) وهو من فروع أصل الوحي والنبوة ، ومن غيب الرجعة في دولة المهدي (عجل الله تعالى فرجه) وهو فرع من فروع الحياة البرزخية والآخرة وإلى سائر الغيب (٢).
__________________
(١) البرهان ١ : ٥٤ ـ ابن بابويه باسناده عن جابر بن عبد الله الانصاري في حديث يذكر فيه الأئمة الاثني عشر وفيهم القائم قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) طوبى للصابرين في غيبته. طوبى للمقيمين على محبتهم أولئك من وصفهم الله في كتابه فقال :(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) أولئك حزب الله ألا ان حزب الله هم الغالبون ، والبرهان ١ : ٥٣ ـ ابن بابويه بسنده عن داود بن كثير الرقي عن أبي عبد الله في الآية قال : من آمن بقيام القائم انه حق ، وعن يحيى بن أبي القاسم قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الآية قال : والغيب فهو الحجة الغائب (عليه السلام) وشاهد ذلك قوله تعالى : ويقولون لو لا انزل عليه آية من ربه فقل انما الغيب لله فانتظروا اني معكم من المنتظرين.
(٢) الدر المنثور ١ : ٢٦ عن انس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ليتني قد لقيت إخواني فقال له رجل من أصحابه أولسنا إخوانك؟ قال : بلى أنتم اصحابي ـ