فإن الخلق مستخلفون فيما رزقهم الله : (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) (٥٧ : ٧) دون استثناء ، وحتى إنفاق المال هنا وفي أضرابها من آيات الإنفاق لا يخص خصوص الزكاة ، ف «إن في المال حقا سوى الزكاة».
وهذا من التضامن بين عيال الله مع الصّلة الصّلاة لله ، أن تصبح الحياة مجال أخوّة وتعاون ، لا معترك تناحر وتطاحن ، عائشين جو المحبة والحنان ، لا جبهات القتال بين أظفار وأنياب ومخالب بني الإنسان.
ثم ولا يكفي الايمان بغيب الله وإقام الصلاة والإنفاق ، حتى يربطها وسواها بما أنزل الله :
(وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ)
إيمانا شاملا خطّ الرسالات الإلهية أولا وأخيرا ، دون تفريق بينها ، وإنما تصديق بها كلّها ، مهما يجب تطبيق الأخيرة منها لا سواها.
ثم ولا يتم كل ذلك إلّا بإيقان بالآخرة :
(وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)
و «هم» هنا يختصهم بإيقان الآخرة ، فإنه ناتج عن الأربعة الأولى ، فمن يؤمن بغيب الله ووحي الله ، ويصلي لله ، وينفق في سبيل الله ، لا بد وأن يوقن بيوم الله.
فهنا إيمان باليوم الآخر يدفع الإنسان إلى أعمال الإيمان من صلاة وإنفاق وايمان بوحي السماء.
ثم إيقان باليوم الآخر هو نتيجة أعمال الإيمان ، فالإيمان باليوم الآخر كإيمان بالوحي مطوي في الإيمان بالغيب ، وإنما يبرز هنا أخيرا إيقانا بعد إيمان نتيجة عمل الإيمان ، فثمّ إذا أيقن بالآخرة يزداد في الإيمان وعمل