والأبصار تنفرد بالغشاوة : لمكان «على» المكررة هنا ثم وفي غيره (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً) (٤٥ : ٢٣) وأن ظاهر الواو العطف إلّا بقرينة تعطفها على غيره كاستئناف ، إذا يرجح اختصاص الغشاوة بالأبصار ، مهما يجمع الطبع أحيانا بين الثلاث : (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ) (١٦ : ١٠٨) فطبع الأبصار لا يستتبع غشاوة السمع! ، مهما شملت الغشاوة عامة الإنسان : (فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) (٣٦ : ٩) : كما قد تفرد القلوب بالختم أخذا بالسمع والأبصار : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ) (٦ : ٤٦).
أو ان السمع هنا مغشوة كما الأبصار تلميحا من تكرار «على» فلولا غشوة السمع هنا كالأبصار لم تكن «على» كما في (طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ) (١٦ : ٨).
او أنهما معا معنيان : أن ختم الله على سمعهم وعلى سمعهم غشاوة ، فلانهم غشوا سمعهم وأبصارهم ختم الله على قلوبهم مما يزيد ختم السمع والأبصار : ف (إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) (٢٦ : ١٢) (الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) (١٨ : ١٠١) لذلك (وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) (٧ : ١٠٠) ، كما وان قلوبهم مختومة مرانة بما كانوا يعملون : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٨٣ : ١٤).
ولماذا تفرد «السمع» دوما مع جمع القلوب او الأبصار ، دون الأسماع؟ علّه لأنّ السمع في أصله مصدر لا يجمع وله معنى الجمع في جمعه والمفرد في مفرده ، أو إذا لم يكن مصدرا فهو قوة في الأذن وليس هو الأذن حتى يجمع كالآذان ، فلكل منا سمع في أذنين وليس بصر في عينين ـ حيث البصر