السكون عن واجب الإنذار ، سواء أكان عليهم سواء فلا يؤمنون ، ام لا سواء فهم يؤمنون ، فلينذر على أية حال كما المرسلون : (عُذْراً أَوْ نُذْراً) ففيما هو سواء يكون الإنذار حجة وعذرا ، وفي سواه برهانا ونذرا.
فقد يكون المنذر قاصرا عن الإنذار دون المنذرين فلا حجة عليهم ، او ان المنذرين قاصرون فكذلك الأمر ، أو أنهم مقصرون رغم كمال الإنذار فلا يؤمنون فهنا الحجة البالغة عذرا ، أو أنهم يؤمنون نتيجة الإنذار فهنا الحجة نذرا ، وهكذا يكون دور الرسالات الإلهية في كمال الإنذار بين مثلث المنذرين وإن كانوا : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)!
فالإنذار هو الجناح الأعم من جناحي الرسالات حيث التبشير خاص بالمتقين : (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ. لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ. لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ... وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) (٣٦ : ١١) فواجب الإنذار على النبي يعم وإن بالنسبة لمن هو سواء عليهم ، وتأثيره خاص بمن اتبع الذكر .. كأنه الإنذار لا سواه ، حيث هو المؤثر لا سواه.
(خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٧)).
هنا الغشاوة على أبصارهم والختم على قلوبهم ، فما ذا إذا على سمعهم؟ أهو ختم عطفا على قلوبهم ، أم غشاوة معطوفا لأبصارهم فالواو هناك عطف وهنا استئناف؟
بما أن غشاوة خصوص السمع غير مألوفة في سائر القرآن ، وغير معروفة كذلك في غير القرآن ، ثم نرى السمع مقرونة بالقلوب ختما ،