يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) إذ لن تؤثر خداعهم في الله ، ولا تؤثر في المؤمنين بالله ، اللهم إلّا قليلا يرجع بضرر كثير عليهم أنفسهم ، فهم بخداعهم مفضوحون يوم الدنيا بما يفضحهم الله ، ويفضحون أنفسهم حيث يعرفون في لحن القول : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) (٤٧ : ٣٠) ـ فما أضمر احد أمرا إلّا وقد يظهر في صفحات وجهه وفلتأت لسانه ـ ثم «هم يوم القيامة من المفضوحين».
«و» لكنهم (ما يَشْعُرُونَ) أن خداعهم راجعة إليهم فلو شعروا ما خادعوا.
ثم النفاق وخداعه دركات صاعدة الى الكفر النفاق ونازلة الى السمعة والرئاء ، كما جزاءه دركات حسب الدركات طبقا عن طبق.
ولماذا (وَما يَخْدَعُونَ) دون «وما يخادعون» نفيا لما حاولوا طبقا عن طبق؟
علّه لان الواقع من فعلهم لم يكن مخادعة ، حيث الله لا يخادع ، والمؤمنون لا يخدعون بما يفضح الله المخادعين ، فلا تبقى في ميدان الخداع إلّا أنفسهم (وَما يَشْعُرُونَ) والخادع لا يخادع نفسه لوحدته ، وإنما يخدعها ، ويا ويلاه إذا كانت مخادعتهم تبوء بالخدعة لأنفسهم و (ما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ)!.
وترى إذا (ما يَشْعُرُونَ) فكيف التنديد بهم والعذاب ، والشعور مدار التكليف فالثواب والعقاب؟
الجواب : أن النص لا ينفي عنهم الشعور ، وإنما إعماله وأعماله بسوء الإختيار ، وحتى إذا فقدوا الشعور لأنهم أبطلوه إذ لم يستعملوه ، وبقي التنديد والعذاب على مبدء اللّاشعور المختار ، فالامتناع بالاختيار لا ينافي