الإختيار!
فأولئك الحماقى الأغفال يظنونهم رابحين بهذا النفاق الإغفال (وَما يَشْعُرُونَ) أنهم خاسرون ، لا في العقبى فحسب ، ففي الدنيا ايضا حيث يوردون أنفسهم بالكفر المضمر موارد التهلكة بما يفضحهم الله ويفضحون أنفسهم ، إذ تظهر مظاهر من كفرهم من صفحات الوجوه وفلتات الألسن.
ومن مخادعتهم لله قولهم «آمنا بالله وما هم بمؤمنين» ومن مخادعتهم للمؤمنين : (إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ).
(٣) (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) (١٠) :
باب ثالث من أبواب جحيم المنافقين : «مرض القلوب» : قلوب الأرواح لا الأجساد ، فالقلب بيده ازمة العقول والأفكار والصدور والحواسّ والأعضاء ، الزعامة العليا في مملكة الكون الإنساني ، فإذا مرض مرض الإنسان في كيانه الإنساني ككلّ ، فالمرض في القلوب حقيقة ، وفي الجسد مجاز أم حقيقة ثانوية.
ولان المرض ـ الذي لا يحاول شفاءه يزداد دوما ، إن في الجسم او في الروح سواء ، سنة دائبة في الكائنات كلها ، أن تنفرج زاويته في كل خطوة فتزداد من حيث لا يشعرون او يشعرون.
فمرض الجسم يشعر فيدرك فيتدارك مغبّة الحفاظ عليه ، ومرض الروح قد لا يدرك وكثير ما هو ، فلا يتدارك فيزداد ، ثم القلب ومكاسب السوء يتعاملان في زيادته : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ).