إنهم في لقاءاتهم ذووا وجوه ، ففي لقاءهم المؤمنين (قالُوا آمَنَّا) ليخدعوهم ، وليس إلّا لقاء عابرا دون خلوة واطمئنان (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا) معتذرين إليهم (إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) ليست لقاءنا المؤمنين إلّا استهزاء وتجسسا دون تحسّس لهم ، إلّا عليهم ولكم.
فشياطينهم : رؤوس الضلالة ، هم الأصلاء ضد المؤمنين ، وهؤلاء الجواسيس وسائطهم ، فهم يخلون بهم دوما ـ إلا في لقاءات عابرة مع المؤمنين ـ فيشاورونهم كيف يلاقون المؤمنين ، وكيف يضللونهم وكيف؟.
وهؤلاء الشياطين ـ على الأكثر ـ كانوا ولا يزالون هم اليهود ، الذين يجدون في المنافقين أداة لتمزيق الصف الإسلامي وتفتيته ، وتوهين العقيدة الإسلامية وتبكيتها ، طالما أصول المنافقين كذلك منهم ف «شياطينهم» يعم كبراءهم المنافقين ورؤوس الكفر والضلالة مشركين وكتابيين : شياطين أصول ، وشياطين أذناب عملاء يصدرون عنهم ويردون إليهم.
و «خلوا إلى» دون «خلوا بهم» تلمح أنهم مراجعهم وملاجئهم ، حيث الخلّو به لقاء منفرد ، والخلو إليه اطمئنان والتجاء ، فإنهم يشمئزون وحتى من مجرد لقاء المؤمنين وان كان استهزاء ، فيخلون إلى الشياطين ، حاملين معهم أسرار المؤمنين.
ثم وقولهم في خلوّهم إليهم : «إنا معكم» تثبيت لكفرهم السابق ، ردا للمحة اللقاء إلى الإيمان و (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) نفي صريح لإيمانهم ، أن ليس إلّا استهزاء بالمؤمنين ، تأكيدا لهذه المعية الكافرة ، وتوطيدا لعلاقة العمالة المنافقة.
والاستهزاء البادي هو من الجهل : (قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) (٢ : ٦٧) حيث العالم يرشد ما أثّر ، ويترك ما لم