ميّزاته في حال او مال او منال «مشوا فيه» منتفعين كأنهم من المسلمين (وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ) ببلايا او رزايا للمسلمين ، في حروب دامية فنقص من الأموال والأنفس والثمرات ـ «قاموا» : وقفوا عن كل حراك ، وتنحّوا عن العراك فرارا دون قرار ، زحفا عن معتركات الحروب.
فالإسلام مطر غزير دائم ، إلّا ان فيه ظلمات العقبات في حروب ومعاركات سجال: غالبين أحيانا فبرق ، ومغلوبين أخرى ، فظلمات كما فيه نور الخيرات وكلها خيرات!
هؤلاء المنافقون هكذا يعاملون مطر الإسلام الغزير بظلماته ورعده وبرقه ، فبرقه لهم خاطف الأبصار. ورعد الصاعقة منه صامة الأسماع ، أترى هذه أبصار وأسماع الإنسان!
وإذ لا ينتفعون بها (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١) ولكنه يبقيها لدوامة الحجة عليهم.
وإنه مشهد عجيب رهيب ، حافل بالحركة الثورة ، مشيج باضطراب ، فيه أضواء وأصداء ، وفيه ظلمات وعماء.
فهناك ظلمات طامة عامة كانت شاملة للعالم أجمع قبل بزوغ الإسلام ، وفي هذه الظلمات المتراكمة هطلت غزيرة أمطار وحي القرآن (كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ) لتسقي أراضي القلوب الواعية ، فمن خلال هذه الظلمات أرعد القرآن وأبرق ، فتجاوبا في صاعقة نورانية روحانية ، وتتفتح الآذان الصاغية ، وتتصدع بها القلوب الواعية وتتصدى لها ، وهي القلوب المؤمنة.
__________________
(١) راجع الجزء : ٢٩ ص ٥ ـ ١٠ كلام في القدرة.