كافة الأنوار ، فانها نور الأنوار ، وشمس مضيئة لا قبل لها ، وهذه من ظلماتها ، وأخرى أنها تظلم على القلوب الخاوية الظالمة الخاسرة : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) ومنها القلوب المقلوبة المنافقة! وثالثة أنها تصاحبها ظلمات العرقلات ممن يقفون لها بالمرصاد ، ورابعة أنها هطلت ونزلت في أجواء مظلمة من أضغاث أحلام وخرافات أوهام!
ومن ثم رعدها هو صوتها الجلي العالي ، الواصل إلى آذان من لهم آذان ، الصارخ فيها صرخة الحق النافذة في الأنفس : (وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) (٤ : ٦٣) فهذه آذان الناس ، وأما النسناس : ف (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ) : حيث (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) : فيجعلون أصابعهم في آذانهم من صيحة الحق وصرخته حذر الموت ، وهي التي تحييهم ، وهذه الحيطة الإلهية حيطة عذاب بعلم محيط وقدرة محيطة ، فرغم نفاقهم العارم ، ليس الله بغافل عما يعملون : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ. وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) (٨٥ : ٢٠) فهنا الله يحيط بهم حيطة عذاب عن علم وقدرة ، وللمؤمنين حيطة رحمة عن علم وقدرة : (أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) (٤١ : ٥٤) مهما اختلفت الحيطة نقمة ورحمة ، فإنها من مصدر علم وقدرة!
ومن ثمّ برقها : نورها الشامل كالشمس في رايعة النهار ، النافذ إلى الأعماق ، حيث نور البرق تختلف عن سائر النور ، ولأن أبصارهم كليلة وأنفسهم عليلة (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) هذا البرق المنير ، الهادي لكل بصير في الظلمات ، يكاد يخطف أبصارهم : يأخذها بسرعة حسدا منهم وخوفا (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ) : إضاءة في ظل إسلامهم الظاهر ، وإفادة من