ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) وليس المثل بالذي يقرب الممثل عن بعده إلّا إذا كان واقعا ملموسا كما هنا ، دون الأمثال البعيدة عن الواقع التي تبعّد ممثّلاتها اكثر واكثر!.
هذا المثل الاول يمثل جماع حال المنافقين أنفسهم واما الثاني :
(أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (١٩) يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢٠).
ف «او» هنا للتقسيم حيث هذا القسم يختلف عن الاوّل تمثيلا ، فانه مثلهم أنفسهم فيما يفعلون ، وهذا مثلهم وجاه صيّب الدعوة السماوية الإسلامية ، مثل يبدأ بهذه الدعوة الصارمة : «او كصيب ..» وينتهي إلى : كيف يعاملونها ويتأثرون بها! ويتطلعون إليها!
و (كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ) هو غزير المطر حيث يصبّ من السماء في ثورة الأمطار ، طوفانية المصدر ، بحرية المورد ، حاوية ـ رغم حياتها المائية ـ مثلث الإرهاب : (ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) : ظلمات السحاب والغيوم المتراكبة التي تحول دون ضوء الشمس نهارا ، ودون أنوار نجوم السماء وقمرها ليلا ، ويواكبها (رَعْدٌ وَبَرْقٌ) رعد هو صوت قوي تحدث عن اصطكاك السحاب ، وبرق : هو نور يذهب بالأبصار نتيجة الاصطكاك ، والصواعق هي نوازل الرعد والبرق : قصف رعد ينقض منها شعلة من نار لطيفة لا تمر بشيء إلّا أتت عليه وهي مع قوتها سريعة الخمود!
وهكذا تمثل الرسالة القرآنية أنها «صيب من السماء» مطر غزير تسقي أراضي القلوب لتحييها ، نازلة من سماء الوحي الأخير ، ساترة على