مثله : (١) أمّيا لم تسبق له أية دراسة أو كتابة او قراءة : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) (٢٩ : ٤٨) (قُلْ لَوْ شاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (١٠ : ١٦) وان تقولوا : (إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ
__________________
(١) الضمير الغائب في «مثله» يرجع الى «عبدنا» كما هو راجع الى «ما نزلنا» وهما معا مقصودان حيث تتحملها الآية لفظا ومغزى.
وكما في تفسير البرهان نقلا عن تفسير الإمام العسكري عن الإمام الباقر (عليه السلام): في الآية قوله : «فأتوا» : يا معشر قريش واليهود! يا معشر النواصب المنتحلين بالإسلام الذين هم منه برآء! ويا معشر العرب الفصحاء البلغاء ذوي الألسن (بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) من مثل محمد مثل رجل منكم لا يقرأ ولا يكتب ولم يدرس كتابا ولا اختلف الى عالم ولا تعلم من احد وأنتم تعرفونه في أسفاره وحضوره ـ بقي كذلك أربعين سنة ثم اوتي جوامع العلم حتى علم الأولين والآخرين ـ فان كنتم في ريب في هذه الآيات فاتوا من مثل هذا الرجل بمثل هذا الكلام ليتبين انه كاذب كما تزعمون ، لأن كل ما كان من عند غير الله فسيوجد له نظير في سائر خلق الله ، وان كنتم معاشر قراء الكتب من اليهود والنصارى في شك مما جاءكم به محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من شرائعه .. فاتوا بسورة من مثله ـ يعني : من مثل القرآن من التوراة والإنجيل والزبور وصحف ابراهيم .. فانكم لا تجدون في سائر كتب الله تعالى سورة كسورة من هذا القرآن.
وفيه عن الإمام علي بن الحسين مثله وزيادة هي : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) من مثل محمد ـ اي : لم يختلف الى أصحاب كتب قط ولا تلمذ لأحد ولا تعلم منه وهو من قد عرفتموه في حضره وسفره ولا يفارقكم قط إلى بلد ، ليس معه جماعة منكم يراعون أحواله ، ويعرفون اخباره ، جاءكم بهذا الكتاب المشتمل على هذه العجائب ، فان كان متقوّلا كما تزعمون وأنتم الفصحاء والبلغاء والشعراء والأدباء الذين لا نظير لكم في سائر الأديان ومن سائر الأمم ، فان كان كاذبا فاللغة لغتكم وجنسه جنسكم وطبعه طبعكم وسيتفق لجماعتكم او لبعضكم معارضه كلامه هذا بأفضل منه ومثله ، لأن ما كان من قبل البشر لا عن الله فلا يجوز ألا يكون في البشر من يمكن من مثله فأتوا بذلك لتعرفوه وسائر النظار إليكم في أحوالكم انه مبطل كاذب على الله تعالى ...