الألفاظ التي هي في أعلى قمم الفصاحة والبلاغة ، والرواية القائلة ان القرآن لا يفسّر الا بالأثر الصحيح عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) او عن الأئمة (عليهم السلام) تؤوّل الى الحظر عن تفسيره بالرأي ، ويا ترى إن تفسير القرآن بالقرآن محظور ، ثم وإذا فسرته بالحديث فلا محظور! رغم ان القرآن تبيان لكل شيء وبيان للناس بلسان عربي مبين ، فكيف يكون بيانا للناس ولا يفهم من ظاهره شيء ، ان ذلك وصف له باللغز والمعمّى! وقد مدح الله الممسكين به : (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) (٧ : ١٧٠) أنهم هم مصلحون ، ومدح المستنبطين : (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (٤ : ٨٣) وذم غير المتدبرين في القرآن : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) (٤٧ : ٢٤) ثم وأحاديث العرض والثقلين تحملنا على الرجوع اليه كأصل ، وكيف نراجع مالا حجة في ظاهره ، وكيف نعرض على ما لا يفهم شيء من ظاهره ، إن هذا الا هراء جارفة تمس من كرامة هذا الكتاب المبين الذي فيه تبيان كل شيء!
٢ ـ ادلة العرض تحثّنا على التدبر في القرآن كما يصح ويجب ، قدر ما يمكن أن يعرض عليه الحديث ، فيعرف الغث عن السمين والخائن عن الأمين ، وما الأحاديث المروية إلا كهوامش مختلفة على متن الكتاب ، ما تلائم منها المتن تقبل له شارحة ، وما لا تلائم تضرب عرض الحائط ، وما يشك فيه يرد الى قائله او راويه.
فليس للمفسر ان يعتمد على حديث ما لم يعرضه على القرآن ، ولا له ان يعرضه ما لم يتدبر حقه في آيته ، تأملا في جملاتها ، ولغاتها مستفسرا للحصول على معناها من الآيات النظيرة لها ، لا ان يفسر آية بتفسير آية اخرى بضرب القرآن بعضه ببعض ونثره نثر الدقل ، وإنما بسرد الآيات