(وإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) : و (إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) (٣٨ : ٧١) (... مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ : مَسْنُونٍ) (١٥ : ٢٨) ف «بشرا من طين من صلصال من حما مسنون» ، هو الخليفة في الأرض مهما اختلف هذا الخلق عن ذلك الجعل حيث خلق بشرا من طين ثم جعل إنسانا خليفة.
ثم ترى وماذا تعني الخليفة عامة وماذا هنا؟ إنها من الخلف : أن ياتي كائن خلف آخر ينوبه في كونه أو كيانه أو صفاته وأفعاله ، وكأنه هو بعده ، مهما اختلفا في درجات ، فلا بد إذا من مشاركة بينهما تهمّه الخلافة ، وتاء الخليفة للمبالغة ، أنه يتابع ما للمستخلف عنه بجد بالغ وعزم فارغ ، او يزيد عنه كما هنا ، او ينقص او يساوي كما في غيرها ، على اشتراك ذلك المثلث من الخلفاء في المجانسة مع المستخلف عنه كونا وكيانا قضية الخلافة في حقها وحاقّها.
فهل إن هذا الإنسان ـ إذا ـ خليفة الله؟ أن يخلف الله في ألوهيته في أرضه ، كأنه غائب عن الأرض ، فالإنسان له خليفة ونائب في الأرض؟
(وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) فلما ذا الخلافة في الأرض؟ وله الحكم في الأرض كما في السماء ، وليس الرسل إلّا مبلغين عن الله ، لا خلفاء أو وكلاء أو نواب عن الله! فلما ذا الخلافة في الأرض؟
ولو أنها الخلافة الإلهية في الأرض لكانت الملائكة المخاطبون هنا أحرى أن ينهموها ، فلما ذا السؤال او الاعتراض : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ)؟ فهل إن خليفة الله في فهم ملائكة الله يفسدون ويسفكون؟! وهم أنوار عارفون ، لا يتهمون الرب فيما يخفى ، فكيف فيما يجلو! ف «ما علم الملائكة بقولهم أتجعل فيها .. لو لا أنهم قد كانوا