اكثر تقدير ـ هذا النسل أجمع : بأصله وفرعه ، وعلى أقل تقدير : آدم وزوجه ، فلا بد هناك على أية حال من مستخلف عنه قبل هذا النسل.
أم هم خليفة من سلفهم وانقرض من نسل او أنسال ترابية عاقلة مكلفة أفسدت في الأرض وسفكت الدماء ، فأهلكهم الله بأن قامت قيامتها وانقرضوا ، فأبدلهم الله بهذا الإنسان وجعله خليفة عنهم؟ ..
وهكذا يبدو من آيتها هذه وسائر آياتها ورواياتها ..
ف ما علم الملائكة بقولهم : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) لو لا أنهم قد كانوا رأوا من يفسد فيها ويسفك الدماء (١).
فهذه السابقة السيئة التي رأوها ممن سلف من الخليقة الأرضية هي التي استجاشتهم حتى سألوا ، معترضين على الخليفة الأرضية : أتجعل .. تكرارا لما سلف من إفساد وسفك ، وما هي الحكمة إلّا مزيد الصلاح والعبادة (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) وهم لا يسبحون ولا يقدسونك!
فلم يكن يقنعهم (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) لو أنهم خليفة الله ، إذ كانوا هم كذلك يعلمون أنه لا يعصى الله فلم يكونوا ليسألوا حائرين.
ولا ـ لو أنهم خليفتهم أنفسهم ، إذ هم يعلمون من أنفسهم ما يعلمون من نزاهة وطهارة ، فكيف كانوا إذا يسألون؟.
فانما يقنعهم (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) ما ينبههم من غيب هذه الخليفة ، خلاف ظهوره الذي مضى مثله ، من إفساد وسفك ، فلم يقل «إنهم لا يفسدون ولا يسفكون» حيث هما معروفان متداولان في تاريخ
__________________
(١) تفسير البرهان ١ : ٧٤ ـ العياشي عن هشام بن سالم قال قال ابو عبد الله (عليه السلام) ..