وترى كيف ينهى عن تناول شجرة المعرفة بين الحسن والقبح ، وهي الشجرة الطيبة التي خلق الإنسان لها ، وامره الله ان يعيشها متزودا بها حياته وحياتها ، مندّدا بمن لا يستظل في ظلها ، ولا يتناول من ثمراتها؟ فكيف ينهى عنها؟
أم كيف يعصى بتناولها قبل أن يعرف الحسن والقبح؟ ومن القبيح عصيان الله! فليعرف فيتعرف إليها بذوقها حتى لا يعصى ربه بعدها! فلما ذا عدّ من العصاة؟ : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) فلو كانت هي شجرة المعرفة كان تناولها من أفضل الطاعة! ثم ولا عصيان قبل المعرفة! حيث هي مهبط التكاليف الإلهية ، واما المجانين او البله المستضعفين الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا ، فليسوا هؤلاء عصاة!.
ثم آدم الذي علّم الأسماء كلها وأنبأ الملائكة بأسمائها ، هلّا كان هو من العرفاء ، ولحد يعرف الحسن عن القبيح حتى يعصى ربه في ذوق شجرة المعرفة! إنها لقولة فارغة هراء ، خاوية عراء ، والله منها براء!
وأما شجرة الكرم والنخلة والتين والحنطة والكافور والأترج والسنبلة فليست هي بالتي تؤثر هذا الأثر الرذيل ، رغم أن التين مبارك في القرآن والسنبلة مباركة في حديث الرسول ، والنخلة ام للآكلة ، والحنطة إدام لدوام الحياة ، والكافور ممدوح في القرآن ، والأترج في السنة ، فما هي الصلة الطبيعية بينها وبين هذه العرقلات للحياة مادية وروحية ، اللهم إلّا كونه نهي امتحان دون أن تحمل شجرته هذه وتلك من العرقلات ، ولكنما التوبة ـ إذا ـ لا بد وان ترجع بصاحبها الى ما كان من حياة الجنة لو لا أن طبيعة الشجرة المنهية تحمل عناء الحياة وشقائها ، وكما أن ذوقها عصيانا لله
__________________
ـ الحسد ، شجرة علم محمد وآله ، والمؤيدة ببعض الروايات منها هي : ١ ـ ٤ ـ ٥ ـ ٦ ـ ١٥ ـ ١٦.