نسيان لعهد الله وإعراض عن ذكر الله.
فنفسية الشقاء هي من مخلفات العصيان ، ومادّيتها من آثار هذه الشجرة ، خلاف ما وصفها الشيطان : (هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى)!
ومهما يكن من شيء فلنسكت عما سكت الله ، ونفصح مستصفحا عما ذكر الله ، وما هو في مثلث الآيات إلّا التي عرفناها : شجرة الإعراض عن ذكر الله ، تتبع نسيان عهد الله ، فتخلّف معيشة ضنكا : انحرافا وانهرافا عن معنوية الحياة ، وشقاء وجوعا وعرى وظمأ وضحى ، التي تجمعها : «الهبوط عن الحياة العليا» : أسفل سافلين : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ، ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) : (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
ثم الآيات تنهى آدم وزوجه ان يقربا هذه الشجرة ، مما يوحي بشدة النهي كما في سائر مواردها : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ) ...
ولكنما المنهي عنه هو الأكل منها أو ذوقها : (فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ) و (فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) وترى انه ذوقها هي ام ثمرتها؟ إن الشجرة لا تؤكل او تذاق بسوقها وأوراقها! وإنما أثمارها ، فهي هي التي نهي عنها ، والنهي عن قربها تأكيد للنهي عن ثمرتها ، «فالمعاصي حمى الله فمن حام حول الحمى او شك ان يدخلها».
وهنا الأكل منها يعني ذوق ثمرتها ، دون شبع للبطن منها ، ولا أكل دون ذلك ، وإنما ذوق الأكل وأكل الذوق : أقل ما يسمّى أكلا ، (فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) ما أن بدئا يأكلان ، ولذلك عبر عنه بالذوق.