وهذا الأكل الذوق خلّف دون فصل او اختيار ظهور السوءات ، ومن ثم حياة العناء الهابطة الخابطة.
٤ ـ وكيف النهي؟
لقد نهى الله تعالى آدم وزوجه عن أكل الشجرة وذوقها نهيا مؤكدا منذرا : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) ـ (أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ) ـ (فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى).
فهنا يهدد في اقتراف المحظور بالخروج عن الجنة والشقاء وأنه ظلم ، ثم ينادي في آيات أخرى انه زل عن طاعة الله بوسوسة الشيطان : (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ) (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ) (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)!
فهناك فيما فعله آدم وزوجه : زلة وغواية وظلم وعصيان وشقاء ، وكلّ منها كاف في التدليل على أنهما ارتكبا الحرام ، كما و (لا تَقْرَبا) تؤكده وتشدده!
فالزلة هنا هي الزوال عن الحق او زوال الطاعة : (إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا) (٣ : ١٥٥) والغواية جهل عن اعتقاد فاسد : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (٢ : ٢٥٦) وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) (٧ : ٢٠٢).
والظلم انتقاص إما بحق النفس والغير وهو أفحشه ، او بحق الغير وهو أوسطه ، او بحق النفس وهو أدناه ، وليس بحق الله إذ لا ينتقص في شيء : (وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (٢ : ٥٧) ، وقد ظلم آدم نفسه فانتقص حاله ومستقبله! : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ). ثم قد يكون الظلم بالنفس دون اقتراف منهي عنه كما في يونس : (سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)