والمتشابه على حدّ قول الامام الرضا (عليه السلام): «ما اشتبه علمه على جاهله» فالتشابه في آياته ليس من مقولة الدلالة اللفظية ، ان تكون الآية قاصرة الدلالة ، وانما هو لعلو المدلول على وضوح الدلالة ، وكما الافهام درجات في مفاهيم الآيات ، كذلك الآيات درجات في محكمات ومتشابهات ، رب محكمة من جهة متشابهة من اخرى ، ورب محكمة عندك متشابهة عند الآخر ، فلا توجد إذا آيات معدودات هي بعينها متشابهات وأخر محكمات ، وانما هي حسب درجات الأفهام ، فالتشابه والإحكام أمران نسبيان ، وان كانت بعض الآيات محكمات لكل من يعرف اللغة (١) وبعضها متشابهات كالحروف المقطعة في أوائل بعض السور.
فليس للمفسر الخوض في آيات الله ، قائلا بغير علم او أثاره من علم فليعلم أنها نازلة بعلم الله ، قدر ما يحتاجه العقلاء طول الزمن إلى انقراض العالم ، فليأخذ كلّ نصيبه من الفهم ، متثبتا متدبرا في تفهمه ، فتقدم العقول والعلوم يكشف جديدات وجديدات من معارف القرآن ، متشابهات عقلية او علمية تصبح محكمات على ضوء تقدم العقل والعلم ، فلا يستعجلوا فيما يخفى عليهم زاعمين ان لهم تفسير كل آية ، او كل زاوية من زواياها.
وعلى المفسر العارف ان يفسر الآيات ـ كما تهديه ـ بعضها ببعض ، دون اتكالية على آراء المفسرين ، فليسبر في كل آية غورها ، دون تحويل الى كتب أو مقالات اخرى ، فلا يحوّل البحث والتنقير عن آيات الأحكام الى الفقه او الى ما الف في آيات الأحكام ، حيث الفقه كما نراه لا يعتمد كما يجب على الآيات في الأحكام ، اللهم إلّا أحيانا وهامشيا محولا الى
__________________
(١) سوف نسبر غور البحث عن المحكم والمتشابه في آية التقسيم من آل عمران.