شريعة التوراة والقرآن ، ولتعتبر الأمة المسلمة عما مضت من حوادث وكوارث وعراقيل في سبيل الدعوة والداعية.
لا نجد في العهد المكي تنديدا ببني إسرائيل إلّا قضاء تحكي عن ماضيهم : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ...) (١٧ : ٤) ايقاظا للمسلمين ليأخذوا عنهم حذرهم في العهد المدني وعلى طول الخط ، ثم وفي (٢٢) آية اخرى ليس إلّا عرض ل : كيف أرسل موسى بالبينات ، وواجه فرعون وملأه ، ونجى بني إسرائيل الأذلّين وجعلهم أعزة ، وأورثهم كتاب الدعوة ، وليثبت المسلمون ويصمدوا وهم قلة أذلة! وجاه المشركين الكثرة الأعزة! ويعلموا أن الله هو ناصرهم و : (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)!.
ثم في العهد المدني تأخذ الآيات في تأنيبهم وتأديبهم ، مذكرة الجماعة المسلمة بكيدهم وميدهم ، وأنهم أضل الأقوام وحتى من الذين أشركوا : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) (٢ : ٩٦).
فلا نجد أمة قبل الإسلام أكثر نعمة منهم ، وأخطر على المسلمين نقمة ، فرغم أن الله فضلهم على العالمين ، ونجاهم من عدوهم فرعون ، وابتعث فيهم نبيين ، نراهم ألدّ أعداء الإسلام والمسلمين ، وأشدهم ضغائن على رسول الإسلام ، رغم ذكراه (صلى الله عليه وآله وسلم) المتكررة في التوراة!.
هنا في نيف ومائة آية ـ وفي سائر القرآن أمثالها ـ تذكر النعم التي حباهم الله إياها ، والكفران والنكران الذي واجهوه وجاهها.
فهنا ـ وبعد عرض خلافة الإنسان وقصة الشيطان ومصيرهما ـ يبتدء من هذا المقطع بمواجهة بني إسرائيل ، الذين واجهوا الدعوة الإسلامية